كيف نتخلص من الأعشاب الضارة؟
لا شك في أن المشرف على هذا المنتدى سيفكر في تحويل هذا الموضوع الى مكان آخر عندما يقرأ العنوان،ولكنني متأكد من أنه سيغير رأيه بعد أن يطّلعَ على المضمون،فالأعشاب الضارة هنا ما هي إلا مثالٌ أستخدمه للتعبير عن المشاكل الاجتماعية (أو الآفات إن شئتم) في سبيل تبيين طريقة فعالة لعلاجها.
أُذكِّرُكم أوّلاً بما تعلّمناه في الابتدائية من مادة "دراسة الوسط"،وهو أن التخلص من "الأعشاب الضارة" يصنف ضمنَ الأعمال المهمة التي يقوم بها المزارع لتعهد حقله، فهذه الأعشاب الطفيلية الزائدة تعيق النمو الجيد للمزروعات...ولكن ماهو وجه الشبه بين الأعشاب الضارة وبين المشاكل الاجتماعية؟...
بكل بساطة،تتشابه المشاكل الاجتماعية مع الأعشاب الضارة في كونها:
1-أعشاب
2-ضارّة...
فأما كونُها ضارة فهو واضح ومحسوس،ولم نكن لنتحدث عن معالجتها وإيجاد حلول لها لو لم تكن كذلك ،وأما كونُها أعشابا فهذا يحتاج إلى شيء من الشرح مع القليل من الخيال...
هل انتبهت أنك عندما تنظر الى هذه الأعشاب تراها كثيفة جدا الى درجة أنها تغطي مساحة كبيرة حول النبات أو الشجر ،ولكنها تُنزع بسهولة إذا اقتُلِعَت من جذورها بإعمال بضع قبضات يد...
لماذا؟...لأن الأعشاب عادة ما تتكون من جذر واحد يتفرع الى فروع كثيرة،فتبدو كثيفة وصعبة الاقتلاع لأول وهلة،ثم تهون على اليد العاملة عندما يُكتشف جذرها وأصلُها...
و كذلك المشاكل (عندما تنتقل آفة ما من مجرد آفة الى آفة في طور المعالجة، فمن الأفضل أن نسميها مشكلة) التي نسعى الى تخليص مجتمعنا منها، فهي تبدو عسيرة ومتشعبة،ثم تظهر بساطتها وهوانها أمام العمل الجادّ والسعي الذكي الموّجه وبشكل مباشر الى جذورها ومسبباتها،فمعالجة الأصول أفضل وأجدى من الجزع و الارتباك أمام الفروع ...
فما هي إذن أصول هذه المشاكل؟...
الجواب هذه المرة سيكون في فقرة من كتاب "دع القلق وابدأ الحياة" لديل كارنيجي،والتي وافقه عليها الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه"جدّد حياتك" :
{...المشكلة الكبرى التي تواجهنا جميعا هي كيف نختار الأفكار الصائبة السديدة،فإذا حللنا هذه المشكلة حُلَّت سائر مشكلاتنا الواحدة تلو الأخرى...
}Our life is what our thought make it...
نعم...تصرفات البشر هي أُصُول المشاكل الإجتماعية،وأفكارهم هي أصول تصرفاتهم، وعلى هذا فإن أقوى طريقة للتخلص من الأعشاب الضارة في المجتمع هي تلك التي تكون بالسعي والاجتهاد على تغيير أفكار الناس،فبتغيُّر الأفكار إلى الأفضل تتحول الحياة الى الأحسن والأمثل...
أما وسيلةُ هذا التغيير،فإنني أطمئن إلى ما للكلمة من تأثير في هذا السياق،فكم غيّرت الكلمات من أحوال الأمم عبر العصور،وكم بدّلت في حياتنا من طبائع وعادات،فالكلمة مفتاحٌ للقلوب والعقول،سواء كانت أدبا أو فنًّا أو خطابًا...
فاكتُب يا عاشق الإصلاح وأنشِد وتكلّم وما تخلّيهاش في قلبك (كما يقول الطيّب)،فالكلمة هي الحل.