الموضوع حول فكرة التكافل الإجتماعي
(الإنسان اجتماعي بطبعه) مقولة كثيرا ما تداولتها حواراتنا وكثيرا ما لاكتها ألسنتنا ورنت في أعماق أذاننا.... ولكن هل صحيح أننا ندرك معناها أو نفهم فحواها ؟
خلق الله الخلق وجعلهم أمما وفضل بعض هذه الأمم على بعض وجعل أمة ما أرقى من الأخرى وكان أرقى هذه الأمم وأسماها درجة الإنسان قال تعالى :
’’ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ’’ الآية 70من سورة الإسراء
ويشير علماء الاجتماع وقبلهم نوابغ علم السلوك الحيواني . أن من أهم المؤشرات التي تحدد درجة رقي حيوان ما عن الأخر وهو ذلك التعامل أو التكافل الاجتماعي بين أفراد ذلك الحيوان ويقولون مثلا : إن ذلك العصفور الذي يعتصم أمام عشه ليحمي فراخه ولتغدوا العصفورة خامصة لتعود بالقوت لهؤلاء الصغار هذه الصورة الاجتماعية الرائعة تدل على أن مجتمع العصافير هو مجتمع راق بحيث أستطاع أن يكون مفهوم أسمه الأسرة ولو كانت ضيقة لكنها تضمن لهؤلاء جميعا نوعا من التكافل والتعاون الذي لابد منه مثلا:
مجتمع القطط فنجد القط يعيش حياة منفرد جدا فإذا هام و أكـل وبنى غريزة الجوع ودفعها لجأ إلى النوم أو الاستلقاء فهو ليأبه بمأوى يركن إليه أو أفراد من جنسه هم بحاجة إليه كما يركن العصفور لعشه .
فلذالك هم يقولون أن العصفور أرقى إجتماعيا من القط لذالك جاء القرآن الكريم ليشيد بحيوانات وأمم حيوانية تعيش حياة أسر بل حياة مجتمعات منظمة جدا كأمة النحل والنمل و...... لذا تجد تعداد المهام في مجتمع النحل مثلا:
حراس الخلية , فرقة البحث عن الطعام , فرقة تنظيف الخلية .........
وكل فرد أو جماعة في هذه الخلية متخصصة في عمل مـــــا هي تحتاج إلى الجماعة الأخرى في العمل الذي تفتقده هي , لذلك كانت سورة التكافل الاجتماعي والتعاون في هذا المجتمع كبيرة وسامية للغاية أذا نقول بما أن الإنسان كان أرقى هذه المجتمعات والمخلوقات على وجه الأرض بما فضله الله عليهم , لابد أن يرتقي بنفسه لتكون صورة التكافل فيه بمستوى المنزلة التي حباه الله بها لهذا نحن نقول أن الإنسان اجتماعي بطبعه أي أنه لايستطيع أبدا أن يعيش منفردا ولا يستطيع أن يحقق أي أنجاز يذكر بمفرده بل يستطيع ذلك بروح الجماعة وكما جعل الله التكافل في الأمور المادية شيء يفرضه الواقع , فالزارع يحتاج إلى الحداد ليعطيه المحراث فالحداد يحتاج إلى المزارع ليأكل ، وقيس على هذا في كل ضروريات الحياة ، فكذلك الأمر بالنسبة للأمور المعنوية فالغني يحتاج إلى الفقير والفقير يحتاج إلى الغني ، القوي يحتاج إلى الضعيف والضعيف يحتاج إلى القوي ... وهي حكمة الله تتجلى في أنه خلق الناس صنوفا وفضل بعضهم على بعض في الممتلكات المادية و المعنوية فجعل منهم الطبيب والميكانيكي والمزارع و ... وأوجد الفقير والغني والجاهل والمتعلم والحريص والمنفق و... لم يخلق الله إنسانا كاملا غير محتاج إلى الآخر فليس واحد إلا وله شيء يستطيع أن يعطيه وشيء أخر يحتاج أن يأخذه من غيره لذلك كانت فكرة التكافل الاجتماعي السليم الذي حث عليه الله عن عباده وتحث عليه فطرة الإنسان في أي زمن ضرورة بالغة للغاية لكي تستمر الحياة وينعم كل إنسان بحياته وهو يعطي ويأخذ و ويح مجتمع يهمل هذه الفكرة فالفقير مثلا أو اليتيم إذا ترعرع في مجتمع لا يكفل له حقه الذي يراه حقا من حقه فسوف يحاول أن ينتزع ذلك الحق ولو بإنحرافه ودخوله عالم الجريمة أما ذلك الذي ينال حقه سيكون اهدأ نفسا ويسود المجتمع نوع من السكينة والطمأنينة يقول صادق الرافعي في المعنى لفكرة جميلة " إن من الشجر إذا أنبت في أرض جذباء لا ماء فيها ولا رطب إذا أورق عوده وأزهر أورق بالشوك وإذا نمى بين الماء والظل والنضرة والرطب أورق عوده بالزهر والثمر" ذلك مثل الفقير المحتاج فصورته الأولى بين الأشحاء الحارسين على المال . والثانية بين المنفقين الأسخياء الذين في أموالهم حق معلوم وما أصدق ما قال الشاعر :
الناس للناس من عرب ومن عجم *** بعضهم لبعض وان لم يشعروا خـــــــــــدم
لذلك إذا تكافلنا وتعاونا كنا إنسانيين أكثر وراقين أكثر وكنا بحق شاكرين لله عز وجل على تفضيله لنا على سائر الأمم بينما إذا كان العكس فنحن أقرب للحيوانية من الإنسانية وكنا بذلك وحوش تعيش لدواتها ، عندها نصل إلى كارثة . ( لا أطعمهم من جوع ولا آمنهم من خوف )