- من أطايب الكلام والطريف، وفيما روي عن أخبار الأسفار في الأمصار والنقل الريفي . والمقال ينتسب إلى الشيخ عفيفي
أنه حدثنا وقال :
في يوم من أيام المصيف . إنزويت أنتضر على قارعة الرصيف . والعرق من كل الجسم مارق و الكل يسير في الظل آبق. يريدون على جناح السرعة الإرساء على شواطئ الضيعة . هناك على الضفة الأخرى كان عمي ربيع تحت الظل الساقط لراحلته نائما . وثغره على الدوام باسما ، كان ربيع أسمه ولكن خريفا عمره . وقد خطى أول خطواته في العقد السابع . وكان قصير القامة مصقر الهامة . لايأبه بالمنتظرين ولا يحفل بالمستعجلين يكاد الفرد في ورده من غضبه يلتهب نارا، وهو لايراه ألا درهما أو دينارا ، لا يساوره القلق، ولايعتريه الأرق. عن همز الهامزين و لمز اللامزين . له أذن صماء و عين عوراء و رجل عرجاء أو قل هو شطر رجل وما يقع على شخصه من أوصاف يقع على سيارته . إذا ذخلتها تدب وكأنك في جحر ضب. لايحمل من معنى المركب الهنيء إلا اسمها حتى إذا نودي للركوب . تدافع الجمع فصعدوا
وكنا في خضم الزحام كما نحن في الحمام وطال بنا الانتظار واستمر هذا الحصار والكل يستغيث هيا انطلاق أبا عمار فكثر منا الضجيج وصاح أخرون بالعجيج . فعن لنا من بعيد سرب من النساء . يطوين الارض طيا ويلوين ألسنتهم ليا . فإقتربنا من السيارة فإذا هن نساء تجاوزن سن المرآة فبالغ في عفسنا وأفرط في رصنا والربيع يدفعهن دفعا ومركبته تبلعهن بلعا . وأخيرا قال :
بسم الله مجرها ومرساها
وعندما تيمم صاحبنا القيادة واوحى له أمره بالإقلاع والريادة و إستوى على الوسادة . رأينا من أمره الغريب من شأن سيارته العجيب . فهم بكومة من الأسلاك يخرجها ويدنيها من بعضها ويقربها . فيشتغل محركها ويرن جرسها ويضىء ضيئها ....... فإنطلقت بنا في طريق القرية وكأنها تشق نهرا أو تخوض بحرا . وهي تارة تتمايل وأخرى على حفر الطريق تتحايل فتدفعها هذه النحاد وتضعها تلك الوهاد . والنخيل يصطف على جانبي الطريق كالعسكر يحمينا وكأننا موكب الملك يحينا . و ما إن وصلنا الى الموقف أين ترسوا على حافة الطريق والقوافل حتى أمسك الربيع بالفرامل . نكاد في فرط خوفنا تندلق أقتابنا وتختلف أطرافنا وتنفلت أكتافنا وما إن يفتح الباب ينهمر سبيل من البشر كالماء الثج من ضيق الفج فيتلقاهم أبو عمار بقبض الفلوس كما يتولى ملك الموت قبض النفوس والخارجون منها ضعف الوالجون أليها وكأن من كثرة الزحام والانضمام كل نفر من البشر أنشطر وأنكسر فتخرج من المركبة مليئا بالكسل مليئا بالملل مليئا بالعلل . فما منا من إئتلى مركب الربيع وعلا أن لايعاود ركوبا يفطر القلوب ويورث الكروب